أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسة

هل مازال الحل السياسي مممكنا في اليمن..؟ وهل سيواصل العالم جهوده وضغوطاته للقبول بالحل السياسي؟ وهل تعديل خارطة ولد الشيخ أمر ممكن وقابل للتطبيق؟

يمنات

معاذ منصر

يوماً بعد آخر تتطور الأحداث في البلاد إلى الأسوأ، وليس من الواضح إلى أين تتجه الأمور، إلى مزيد من العنف ونزيف الدم؟ أم إلى السلام؟ المؤشرات السياسية وحديث المراقبين تشي بمزيد من العنف، بعد أن عجز العالم واليمنيون عن إيجاد سلام تحول مؤخراً إلى معجزة.

مؤخراً أخذت الأزمة اليمنية السير بمرحلة من الكساد السياسي ضرب كل الأطراف السياسية اليمنية، كما تقلصت الجهود الدبلوماسية الدولية منذ تقديم خارطة الطريق التي تقدم بها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، نهاية أكتوبر الماضي.

بقي صوت الرصاص هو السائد، في وقت بدأت فيه الحكومة اليمنية وجماعة “أنصار الله” بترتيب شؤون السيطرة والحكم، ما يشير إلى مرحلة طويلة الأمد من الصراع يؤسس لخسارة الطرفين امتيازات الحل السياسي، في ظل فشل جهود دبلوماسية (أمريكية وبريطانية وفرنسية) ضاغطة على حكومة الرئيس هادي للموافقة على خارطة الطريق.

ومنذ أعلنت الحكومة اليمنية رفضها لخارطة ولد الشيخ، وأيضاً عدم التعامل مع ما أعلن عنه وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، يحاول الرئيس هادي تحريك الورقة العسكرية في كل من تعز ومأرب وبعض المناطق الأخرى، كما أصدر هادي قرارات بتغييرات عسكرية جديدة شملت عدة مناطق عسكرية، بما فيها الألوية العسكرية التي تم تدريبها في المنطقة العسكرية الأولى حضرموت (شرق) ويعول عليها لخوض معارك “تحرير” بقية المناطق، وشملت التعيينات شخصيات تحمل عداءً كبيراً لجماعة “أنصار الله”، من بين هؤلاء العميد الركن ثابت مثنى جواس، الذي جرى تعيينه قائداً لمحور العند، قائداً للواء 131 مشاة.

هل الخيار العسكري اصبح بديلا..؟

ومع ذلك لا يفهم بعد أن الخيار العسكري هو الخيار البديل، ولا توجد هناك أي مؤشرات على الأرض لتقدم طرف على طرف، والتوازن في القوة يبدو أنه ما زال على ما هو عليه، ولذا يستبعد كثيرون الحسم العسكري.

إذاً يبقى الصراع العسكري هو سيد الموقف حتى الآن، ولكن ماذا عن الخيار السياسي الذي سبق وأن كان قد بدأ يتقدم نوعاً ما، ولكن الغامض الآن هو هذا الصمت الدبلوماسي والأممي؟

هل الحل السياسي ما زال ممكناً؟ وما الذي يجري الآن بالضبط من جهود وهل سيواصل العالم جهوده وضغوطاته على الأطراف على القبول بالحل السياسي؟ هل التعديل على خارطة ولد الشيخ أمر ممكن وقابل للتطبيق؟

بعض المراقبين السياسيين يرون أن خارطة ولد الشيخ ليست منقوشة على حجر، بمعنى أنها قابلة للتعديل، والجانب الحكومي يستمر برفضها لأنها تتناقض جملة وتفصيلاً مع أسس ومرجعيات التفاوض المتفق عليها، ويعتقد أولئك المراقبون أنه لن تُمارس ضغوطاً دولية أكثر مما فرض، فالإدارة الأمريكية تعيش في “وقتها النهائي” وليس بوسعها قيادة حراك دبلوماسي دولي يلزم الأطراف بتنفيذ الخارطة.

والحقيقة الواضحة الآن تؤكد أن هناك انسداداً في أفق العملية السياسية، بسبب تعنت الأطراف اليمنية وعدم رغبتها في الانخراط في عملية تفاوضية حقيقية تفضي إلى سلام دائم وشامل، ولذا يبدو أن اليمن أمام فضاء سياسي مفتوح تحكمه تفاعلات الأحداث في المنطقة.

وفي الوقت الذي يقول فيه سياسيون إن الحل السياسي صار صعباً وغير ممكن، يشيرون إلى أن أمد الصراع سيطول ربما كثيراً وأن الحرب في البلاد ستستمر لسنوات قادمة.

نهاية الحروب تسويات

المحلل السياسي خالد العلواني، وفي حديثه إلى “العربي” يقول: “سيظل الحل السياسي مطروحاً في كل الأحوال والظروف، فالحروب عادة ما تفضي إلى تسويات سياسية، وفقاً لمعادلات القوة على الأرض، وتأثير المجالات الحيوية للمنطقة والإقليم، لكن من جملة المعطيات والمؤشرات السياسية والعسكرية في اليمن يبدوا أن الحل السياسي يطرح حالياً للاستهلاك، وتحسين الصورة، دون توفر متطلبات وشروط نجاحه، فالتحشيد قائم، والاستعدادات مستمرة والجبهات مشتعلة، والأطراف غير مستعدة حتى اللحظة أن يتخلوا عن منطق القوة، وينتقلوا إلى ميدان السياسة، والشرعية غير مستعدة لشرعنه الانقلاب والتخلي عن المكتسبات التي حققتها والتنكر لتضحيات قوات الجيش والمقاومة”.

ويتابع العلواني “كل هذا يأتي في ظل مرحلة الفراغ التي تمر بها الإدارة الأمريكية، وعدم اتضاح الصورة الكاملة لملامح السياسة الخارجية الأمريكية، وهو الأمر الذي يدفع كلاً من الشرعية وأنصار الله لاستغلال هذه اللحظة والسعي لإحراز مكاسب على الأرض”.

أما فيما يخص الجهود التي تبذل على المستوى الأممي فيراها العلواني، وبعض المراقبين أيضاً، أنها حتى للحظة جهود تفتقر للنضج والآلية اللازمة، لانفاذ ما يتمخض عنها من رؤى، وبنظرة سريعة على المستوى الجغرافي والتاريخي يتضح أن الأمم المتحدة لم تنجح في لملمة أي ملف من الملفات المشتعلة، والمجتمع الدولي في النهاية ليس جمعية خيرية، بل دول لها مشاريعها وأهدافها وأطماعها التي تسعى لتمريرها عبر التحكم بخيوط الصراع في البؤر المشتعلة، ومقايضة المصالح فيما بينها كدول على حساب الشعوب التي تحولت أوطانها إلى ساحة للصراع، وقديماً قيل “إن الله لا يساعد من لا يساعدون أنفسهم”.

حرب منسية

وما بين هذا وذاك صار الجميع يشير إلى أن الحرب الدائرة في اليمن صارت حرباً منسية، لأن العالم العربي والمجتمع الدولي يتفرجان على ما يجري هناك دون أن يفعلوا شيئاً لوقف نزيف الدم، إضافة إلى الحديث الممل والمكرر عن أهمية الحل السياسي.

وما يحدث في اليمن هو عملية تدمير كامل للبنية التحتية المتواضعة، فقد دمرت المساكن والمدارس والمستشفيات والمؤسسات العامة، وفقد عشرة آلاف على الأقل حياتهم في هذا البلد الأفقر بين جميع البلدان العربية.

إذاً الجميع يتوقع تقريباً استمرار المعارك العسكرية بدون أفق، في حين آفاق الحل السياسي تبدو مسدودة، وهكذا يظل اليمن تحت مقصلة الحرب، ومعه أبناؤه الذين يدفعون الفاتورة الكبرى.

المصدر: العربي

زر الذهاب إلى الأعلى